بحث تربوي  الصعوبات التي تواجه التلاميذ في النشروالتعميل وعلاقتها بالحساب الحرفي

 بحث تربوي مصغر حول 

الصعوبات التي تواجه التلاميذ في النشروالتعميل

وعلاقتها بالحساب الحرفي

من انجاز: هاشمي مصطفى


مقدمة

تُعد الرياضيات مِن أكثر المواد أهمية في عصرنا الحالي. فهي العِلم الذي تستند إليه جميع العلوم الأُخرى، كما أّنها تُمّثل قِمة التفكير التجريدي الذي يحول العاَلَم إلى رموز وعلاقات رمزية، فهي الأساس في تقدم الفِكر الإنساني بِرمته بما فيه الفكر الفلسفي. كما أن تقدم البشرية وما سجلته ثورتها العِلمية في السنوات الأخيرة في الأرض والفضاء ما هو إلا تطبيق لعلاقات ومعادلات رياضية بالدرجة الأولى. كما تعتبر الرياضيات نشاطا فكريا فهي تساهم من جهة في تنمية قدرات الاستدلال والتجريد والدقة في التعبير لدى المتعلم، ومن جهة أخرى في توسيع مجالات معارفه ومهاراته الحسابية والهندسية التي لها امتداداتها في محيطه الاجتماعي والحضاري.
ومع هذه الأهمية التي تكتسيها الرياضيات إلا أنها تعتبر من المواد التي يرى الكثير من التلاميذ أنها صعبة الفهم والادراك، حيث يواجهون صعوبات في تعلمها في مختلف أسلاك مسارهم الدراسي. لهذا نجد صعوبات التعلم الرياضيات واشكالياته التي تواجه التلاميذ من الموضوعات المهمة المطروحة لنقاش في الوقت الحاضر والتي حظيت باهتمام كبيرمن مختلف الفاعلين والمتدخلين في هذا المجال. ويعزى هذا الاهتمام الى التطور الحاصل في عمليات الكشف والتشخيص و التقويم والتقييم والوعي المتزايد لأولياء الأمور و المسؤولين على القطاع لتخطي هذه الصعوبات. 
ونظراً لما تتميز به الرياضيات من طبيعة تراكمية في موضوعاتها، وما تتصف به من تجريد في المفاهيم والعلاقات، فإنها تعتبر حقلاً معرفياً معقداً بالنسبة للمتعلم، بمعنى أن تعلمها يثير العديد من المشاكل والصعوبات أمام المتعلمين. فمن الملاحظ أن معظم والتلاميذ يجدون صعوبات حادة وشائعة في مجال الرياضيات إلى حد أن صعوبات تعلم الرياضيات تمثل أكثر صعوبات التعلم أهمية وشيوعاً واستقطاباً للاهتمام الإنساني على اختلاف أنماطه وتوجهاته. ومن بين الاشكاليات والصعوبات التي يواجهها التلاميذ في الرياضيات وخصوصا في الحساب الحرفي نجد اشكالية النشر والتعميل.  لذا نسعى من خلال هذا البحت إلى التطرق الى هاته اشكالية لما تكتسيه من أهمية لدى المتعلم في بناء جزء مهم من تكوينه الرياضي وفي بناء المفاهيم اللاحقة.  لان النشر و التعميل يعد من الفروع المهمة في الرياضيات. وسنتطرق لهذه الصعوبات في اطار تصميم وسطي يراعي النظريات والمفاهيم و الأسئلة و الافتراضات المقترحة في هذا المجال مع إبراز أهم العوامل المسببة لتلك صعوبات والبحث عن سبل تجاوزها. و ذالك في اطار التمحيص لطرق البيداغوجية الحديثة المعتمدة لتبسيط وتقريب مفهوم النشر و التعميل وعلاقتها بالحساب الحرفي لدى المتعلمين. ويعزى اختيارنا لهذا التصميم من خلال ملاحظتنا أن معظم التلاميذ يجدون صعوبات في النشر و التعميل وعلاقته بالحساب الحرفي. وذالك من أجل الكشف عن العوامل المؤثرة في ظهور هذه الصعوبات.

فما هي اذن الصعوبات التي تواجه التلاميذ في النشروالتعميل وعلاقتها بالحساب الحرفي؟

إشكالية البحث

يتجلى مفهوم صعوبات التعلم في الرياضيات الى التدني الملحوظ في التحصيل الدراسي للتلميذ عن باقي زملائه في نفس المستوى الدراسي. ويشمل كذالك مجموعة كبيرة من التلاميذ  الذين هم في حاجة الى مساعدة لاكتساب المهارات المدرسية للتعليم.  ويمكن ان تظهر هذه الصعوبات في المفاهيم و التمثلات الخاطئة التي يكونها التلميذ عن الحساب الحرفي و التي تمتد الى النشر و التعميل.   
   وللاجابة عن الاشكالية المطروحة قمنا بصياغة مجموعة من التساؤلات:
ما مدى تأتير المكتسبات السابقة في الحساب الحرفي في بناء مفهوم النشر والتعميل؟
هل سبب الصعوبات التي يواجهها التلاميذ في إتقان النشر والتعميل راجع الى محدودية قدرتهم العقلية، ولـذا فـإن إنجـازهم ستكون دون المستوى المطلوب؟
هل اعتماد التلاميذ على الطرائق التقليدية وعلى نوع واحد من الحل وعدم تشجيعهم على ابتكار حلول أخرى، جزء من هذه الصعوبات ؟
ماهي الخطط و البرامج التعلمية المقترحة لتخطي  هذه الصعوبات.  

ان اختيارنا لهذه الاشكالية نابع من دوافع معرفية واجتماعية و تربوية المتمثلة في:
حب الرغبة والاطلاع في معرفة أهم الأسباب التي أدت إلى ظهور هذه الصعوبات لدى هذه الفئة. 
التعرف على الظروف النفسية و الانفعالية والتربوية التي يعيشها التلميذ الذي يعاني من هذه الصعوبات.
الكشف عن العوامل المسببة لهذه الظاهرة بغية إيجاد طرق تعالج هذا النوع من الصعوبات.
انتشار هذه الصعوبة بكثرة لدى التلاميذ.

الصعوبات التي تواجه التلاميذ في النشروالتعميل وعلاقتها بالحساب الحرفي

1. صعوبات التعلم في الرياضيات

من خلال الدراسات والابحاث التربوية والنفسية والعصبية تم تصنيف صعوبات التعلم التي تواجه التلاميذ في مجال الرياضيات وخاصة في الحساب الحرفي الى صنفين أساسيين يندرج تحت كل صنف منها عدد معين من أنواع صعوبات التعلم والتي جاءت علي النحو التالي:
1.1. صعوبات تعلم نمائية 
        يندرج تحتها كل من صعوبات الانتباه ، الذاكرة ، الادراك و التفكير.  وهذه الصعوبات يولد بها التلميذ وتظهر منذ الطفولة المبكرة ولكن نتيجة للاهمال لا يتم اكتشافها  إلا بعد تحولها لصعوبات أكاديمية وعلاج هذه الصعوبات في سن مبكرة يجنب التلميذ التعرض  لخبرة الفشل الأكاديمي. 
الانتباه : إن مشكلات الانتباه لدى الأفراد ذوي صعوبات التعلم تقع في ثلاثة فئات: تكوين الانتباه، اتخاذ القرار، الحفاظ على الانتباه، وقد ركزت معظم الأبحاث في صعوبات التعلم على الانتباه الانتقائي والحفاظ على الانتباه. ويمكن التمييز بين نوعين من نقص الانتباه: نقص الانتباه المصحوب بنشاط زائد، ونقص الانتباه غير المصحوب بنشاط زائد.  
الذاكرة : هي القدرة على استدعاء ما تم مشاهدته، سماعه ، أو ممارسته أو التدريب عليه، فالتلاميذ الذين يعانون من مشكلات واضحة في الذاكرة السمعية مثلاً قد تكون لديهم مشكلة في تذكر الأشياء التي سبق لهم أن سمعوها كتذكر أصوات الحروف وأسماء الأرقام .. الخ.  إن القدرة على تعلم الحساب الحرفي  تتطلب درجة عالية من الذاكرة ، فأثر الخبرة التعليمية يجب أن يتم الاحتفاظ بها بهدف جمع المعلومات وتراكمها والاستفادة منها في التعليم.
الإدراك (العجز في العمليات الإدراكية): تتضمن إعاقات في التناسق البصري الحركي والتمييز البصري، والسمعي وغيرها من العوامل الإدراكية.
2.1. صعوبات التعلم الأكاديمية 
هي تلك الصعوبات التي يتم اكتشافها في المدرسة ويندرج تحتها صعوبات النشر و التعميل في الحساب الحرفي. هذه الصعوبات تأتي غالبا لوجود الصعوبات النمائية وقد تكون لها أسباب أخرى ومن المهم معرفة السبب الذي يقف خلف الصعوبة لمعرفة كيفية علاجها. فحين يظهر التلميذ قدرة كاملة على التعلم، ولكنه يفشل في ذلك بعد تقديم التعليم الملائم له، عندئذ يؤخذ بعين الاعتبار أن لدى التلميذ صعوبة في ادراك عمليتي النشر والتعميل في الرياضيات. تشير الدراسات و البحوث الأكاديمية  أن تعترات التلاميذ في الحساب الحرفي تظهر في المرحلة الاعدادية والتي قد تمتد  للمرحلة الثانوية  اذا لم يتم تداركها.   

2. صعوبات التعلم النشر و التعميل

ونظرا لما تمثله الرياضيات من لغة رمزية  على اختلاف  رموزها وتباين مستويات تقدمها وتطورها، فقد لوحظ  ان الكثير من المتعلمين يجدون صعوبات حادة وشائعة في مجال الرياضيات بفروعها المختلفة وخاصة في النشر و التعميل. يطلق أحياناً على هذه الصعوبة عسر العمليات الحسابية، لأنها تحتاج إلى استخدام الرموز وقدرة عالية على التمييز الصحيح لهذه الرموز. وتظهر الصعوبة في عجز التلميذ التعامل مع الأرقام،  والعمليات الحسابية،  والقوانين الرياضية بشكل صحيح، أو في الترتيب المنطقي لخطوات الحل في العمليات الرياضية والحسابية، أو استخدام المصطلحات والرموز المجردة.  
فعلى سبيل المثال، لكي يتقن المتعلم فنون عمليتي النشر والتعميل في الحساب الحرفي، عليه أن يفهم عملية العد، ودلالة الرقم من حيث القيمة والمكان، وأن يتقن أيضاً العمليات الحسابية ( الجمع والطرح والضرب والقسمة ) على الأعداد، وأن يسيطر بدرجة كبيرة على مفهوم اللفظ بالنسبة للمسائل الإنشائية.
تشير (Leraner, 2000) لمصطلح صعوبات الحساب إلى عجز التلميذ عن التعامل مع الأرقام والعمليات الحسابية الأربع والقوانين الرياضية بشكل صحيح أو في الترتيب المنطقي لخطوات الحل في العمليات الحسابية والرياضية.
يعرِّف نبيل عبد الهادي وآخرون (2000، ص 226) صعوبة الحساب بأنها عدم إتقان بعض المفاهيم الخاصة الحسابية الأساسية كالجمع والطرح.
يعرفه نبيل حافظ (2000، ص 121) بأنه صعوبة أو العجز عن إجراء العمليات الحسابية الأساسية وهي: الجمع والطرح والضرب والقسمة. وبعدم قدرة التلميذ على تكوين تصور أو مفهوم للعدد. 
كما يشير فتحي الزيات إلى مصطلح "صعوبات تعلم الحساب الحرفي" وهو مصطلح يعبر عن صعوبات في استخدام وفهم المفاهيم والحقائق الرياضية، والفهم الحسابي والاستدلال العددي والرياضي، وإجراء ومعالجة العمليات الحسابية والرياضية، وهذه الصعوبات تعبر عن نفسها من خلال العجز عن استيعاب المفاهيم الرياضية وصعوبة إجراء العمليات الحسابية (2002، ص 549). كما يرى أن مفهوم الرياضيات هو مفهوم أشمل وأعم من مفهوم الحساب فالرياضيات هي دراسة البنية الكلية للأعداد وعلاقاتها أما الحساب فيشير إلى إجراء العمليات الحسابية (فتحي الزيات 1998، ص 545).
   ويتطلب الاقتراب أكثر من مشكلة صعوبات تعلم النشر والتعميل البحث في النقائص والسلبيات ذات العلاقة المباشرة بهذه المشكلة، وهذه تتطلب بدورها أخذ النظريات والتقنيات التي تساعد في دراسة الرياضيات للتلميذ العادي بعامة، وللتلميذ منخفض التحصيل بخاصة. ومما يذكر تشير دراسات عديدة في العدد والعمليات الحسابية إلى أن حوالي 6%  - 7% من مجموع التلاميذ المدارس يعانون بشكل دائم، أو يعانون أحيانا من صعوبات تعلم الحساب، وهذه الصعوبات لا ترتبط بدرجة كبيرة بالذكاء أو الدافع أو غير ذلك من ا لعوامل التي تؤثر على عملية التعلم ذاتها. ورغم ذلك، يجب إدراك أن بعض المتعلمين قد يكون لديهم  صعوبات تعلم مضللة  بالنسبة للعمليات الحسابية،وذلك يرجع إلى الاختبارات القياسية في الأداء الرياضي، إذ تتضمن هذه الاختبارات بنوداً تتمحور حول تعريف العدد،ومفهوم عملية العدد، وإجراء العمليات الحسابية، ومعرفة حساب المساحات و الحجوم،...الخ، لذلك فإن الصعوبة تنتج  من خلط عديد من العناصر التي تتضمنها اختبارات الإنجاز، وذلك يجعل التعرف على ماهية الصعوبة  التي يعاني منها متعلم  بعينه عملية صعبة للغاية.

خاتمة

تشير الدراسات والأبحاث الحديثة أنه بالرغم من التقدم المذهل فيما يتعلق بتقنيات التدريس الرياضات عموما الا أنه لم يتم تخطي مجمل الصعوبات التي تواجه التلاميذ في الحساب الحرفي وخصوصا النشر والتعميل. ولعل السبب في ذلك، صعوبة مادة الرياضيات ذاتها، وتعقد مجالاتها وادراكها، وتشعب في كل مجال من تلك المجالات إلى مجموعة كبيرة من المهارات الأساسية، حيث تتشعب كل مهارة منها إلى مهارات فرعية وهكذا دواليك.
إن هذا العمل بقدر ما ينطوي عليه من أهمية، فإنه يطمح في ذات الوقت تحقيق جملة من الأهداف أهمها أن تكون هذه الدراسة دليلاً لمن يعمل في تدريس الرياضيات سواءً كان مدرساً أو مشرفاً على التعليم.